المشيمع من المحرق: الحكومة تلقت صدمة قوية وستتلقى صدمات أخرى

تغطية خطبة المشيمع في جامع الخيف بقرية الدير
بعد صلاة العشاءين - ليلة الخميس من كل أسبوع

ليلة الخميس – الموافق 22/10/2008م




قال تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا القُرْآنِ وَالْغَوا فِيهِ لَعلَّكُم تَغلِبُون } فصلت : 26.

نحاول أن نتتبّع بعض الألفاظ الواردة في هذه الآية ثم نتعرف على المضامين وارتباطها بواقعنا السياسي، وذكرنا في موضع آخر أنّ النص القرآني لا يبقى أسيراً للظرف المكاني و الزماني وصحيح أنه نزل في أجواء تلك الجماعة التي عاشت في زمن الرسول (ص) لكن عنوان الشرك والكفر(مثلاً) ينطبق على كل الأزمنة.

هناك فرق بين السماع والاستماع، الاستماع فيه إنصات و المراد منه المتابعة وفهم المضمون أما السماع فهو ما تسمعه دون نية الاستماع إليه (أي بشكل عابر).

والتعبير جاء دقيقاً (لا تسمعوا) فالاستماع يعني الإنصات وهو يؤدي إلى الاستيعاب والتصديق بالقول ولذلك جاءت الدعوة إلى عدم السماع فضلا عن الاستماع وصمّ الآذان وهذا هو منتهى القبح والاستكبار والترفع والتصميم على البقاء على الرأي الخاطئ، فيسعون إلى ألا يسمع الناس مجرد السمع العادي وغير المقصود، كما تقول الآية: { وَإنِّي كُلَّمَا دَعَوتُهُم لِتَغفِرَ لَهُم جَعَلُوا أصَابِعَهُم فِي آذَانِهِم وَاستَغشَوا ثِيابَهُم وأصَرُّوا وَاستكبَرُوا استِكبَارَا } نوح : 7، ولم يكتفوا بذلك بل مارسوا عملية التهويش (والغوا) فيه. وهذا يدل على أن القرآن له القدرة على الدخول إلى قلب الإنسان.

واللغو في القرآن جاء بعدة مصاديق فهو مفهوم واحد ولكنه متعدد المصاديق، فقد يكون بمعنى الكلام العابث الذي لا قيمة له، وقد يأتي بمعنى القبح والكلام السيئ، كذلك يأتي بمعنى الكذب.

قوله تعالى: { لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوَاً وَلا تَأثِيمَا } الواقعة : 25، وقوله تعالى: { يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأسَاً لا لَغوٌ فِيهَا وَلا تَأثِيم } الطور : 23، وقوله تعالى: { والذِينَ هُمْ عَنِ اللَغوِ مُعرِضُون } المؤمنون : 3.

وأيضاً يأتي اللغو بمعنى التشويش لمنع وصول كلمة الحق، كما تفعل الحكومة، لأي جهة من الجهات داخلياً وخارجياً، والغرض من اللغو الذي يحدثونه هو الغلبة وليس النصر لأن الأخير يرتبط بالحق، يقول تعالى: { إنَّا لننصُرُ رُسُلَنَا وَالذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنيا ويَومَ يَقُومُ الأشْهَاد } غافر : 51، وقوله تعالى: { يَا أيُّها الذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللهَ يَنصُركُم ويُثبِّت أقدَامَكُم } محمد : 7.

الغلبة حالة ثانية لا علاقة لها بالحق، وأساليب اللغو قد تطورت بتطور الزمن ولم تبقى ضمن مساحتها السابقة، فاليوم تستخدم الحكومة وسائل الإعلام وتقوم بضخ الأموال في الجيوب الخاصة، بهدف خلق مجموعات تشوش على الحق وتعمل على بعثرة الأوراق، وكذلك ما قامت وتقوم به الحكومة المضللة الفاسدة ضد ندوة الكونغرس الأخيرة بحيث حركت أقلامها للتشويش ضدها؛ فهم يعتبرون وصول المعارضة اختراق لكل ما فعلوه بواسطة استغلال الأموال الطائلة وغيرها، والكتاب ممن يتسمون ظاهرا بالإسلام في حين أنهم يتحركون من منطلق مصالح خاصة، ... وتخرج علينا جمعيات وتستنكر التواصل مع الخارج، وستسمعون مثل تلك الأصوات التي تسعى لقلب الموازين، والتي تثير تشكيكات حول طبيعة التحرك.... عليكم أن تستنكروا علاقات الظالم منذ سنين مع الولايات المتحدة الأمريكية واستضافته للقواعد العسكرية التي تعتدي من خلالها على الدول الأخرى.

ما جرى كان إيصالاً لكلمة الحق بعد أن أوصدت الأبواب أمام المعارضة لإيصال قضية شعب البحرين، والحكومة دأبت على نفي وجود تمييز في شتى مناحي الحياة في البلد ... واليوم نتابع الصراع في البرلمان حول المشروع الإسكاني في المنطقة الوسطى بين أن يكون تحت اسم مشروع النويدرات أم هورة سند .. الآن يجري العمل على فصل القرى عن البحر، وحتى التوطين يجري العمل على كونه واقعا.

وفي (مدينة حمد) حوالي 30 مسجد يؤمه المصلون السنة في مقابل بضعة مساجد للشيعة، وهناك لا يوجد مأتم واحد رسمي للشيعة. وفي المدارس الرسمية فإن الأغلبية محرومون من أن يدرس أبناؤهم المذهب الجعفري .... ماذا نفعل إذا كنتم تصمون آذانكم وتستكبرون عن الجلوس إلى طاولة الحوار؟

وفي الجرائد وحتى البرلمان يحتجون على ما يسمونه بالاستقواء بالخارج؛ فالقضية كانت موجعة، والحكومة تلقت صدمة قوية وستتلقى صدمات أخرى.

ما جرى هو توفيقات من الله سبحانه وتعالى وهو يمتلك أسباب النصر ولكنّ تحقيقه يتطلب السعي والحركة، وعلينا أن نثق بالله ونثق بأنفسنا.

التمييز أصبح عاراً على النظام وهو واضح بحيث لا يمكن تغطيته وتجاوزه، ولكن للأسف تحركنا الداخلي بطئ ويتوازى مع التحرك الخارجي.

والتمييز الذي تتم ممارسته ضدّ الشيعة ليس بسبب نقص المؤهلات عندهم لكن هناك تعمد لإبادتهم ومحاصرتهم، وعندما يسعون لإيصال صوتهم للعالم يتهمون بالخيانة، أمّا من يمارس العنف ويسرق البلد فلا يعتبر نفسه خائنا بل مخلصا!